دور مركز الملك سلمان في ريادة العمل الإنساني السعودي وتأثيره العالمي
المؤلف: حمود أبو طالب11.11.2025

منذ تأسيسها، أولت المملكة العربية السعودية اهتماماً بالغاً بتقديم المساعدات الإنسانية لشعوب العالم قاطبة. لقد شكل هذا الجانب ركيزة أساسية في صلب أولوياتها، حتى في أحلك الظروف التي شحّت فيها الموارد وتعاظمت الاحتياجات. انطلاقاً من إحساسها العميق بمسؤوليتها الإنسانية الراسخة وواجبها الأخلاقي الذي لا تحيد عنه، وبصرف النظر عن أية اعتبارات أخرى، بادرت المملكة بتقديم العون والدعم لكل محتاج. بيد أن الأمر المؤسف حقاً، هو الزج بالعمل الإغاثي والدعم الإنساني في بعض الأجندات المشبوهة التي لا تمتّ بأية صلة لأهدافه النبيلة السامية، مما قد يؤدي إلى تجاهل الحقائق الناصعة والتقليل من شأن وأهمية ما تبذله بعض الدول من جهود جبارة في هذا المضمار. وهذا تحديداً ما واجهته المملكة في بعض الأوقات العصيبة، حين لم نكن نملك القدرة الفاعلة والمقنعة على إبراز حجم المساعدات الهائلة التي تقدمها المملكة وتوضيحها بجلاء لمجتمعات العالم قاطبة، إلى أن تم إنشاء مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية قبل ما يقارب العقد من الزمان.
لقد كان إنشاء هذا المركز بمثابة نقلة نوعية هائلة بكل المقاييس في مفهوم وأساليب وطريقة إدارة الأعمال الإنسانية الرفيعة التي تقدمها المملكة. فقد حوّل المركز تلك الاجتهادات المتفرقة المحدودة إلى عمل مؤسسي متكامل ومنهجي متقن يقوم عليه نخبة من المتخصصين والخبراء المهرة في كل الجوانب المتعلقة بهذا المجال الحيوي، وينطلق من رؤية واضحة المعالم تهدف إلى أن يكون هذا المركز منارةً رائدةً للإغاثة والأعمال الإنسانية على مستوى العالم. وقد تحقق ذلك بالفعل بفضل الله خلال فترة وجيزة، إذ أصبح حضوره فاعلاً ومؤثراً ومقدراً من قبل الشعوب والحكومات والمنظمات الدولية والإقليمية على حد سواء.
وقد أتيحت لي فرصة سانحة للقاء معالي الدكتور عبدالله الربيعة، المشرف العام القدير على المركز، مساء الجمعة قبل الماضية، برفقة ثلة من الكتاب المرموقين بتنظيم الجمعية السعودية لكتاب الرأي، وذلك للاستماع إلى آخر المستجدات في نشاطات المركز المثمرة والحوار البناء بشأنها وتبادل الأفكار والآراء القيّمة حولها. وقد كان ذلك اللقاء شفافاً وصريحاً وغنياً بالمعلومات الثرية حول حاضر المركز الزاهر والأفكار المستقبلية الطموحة التي يعمل عليها المركز بشكل علمي مدروس بعناية فائقة.
ومن باب مشاركتكم بعض المعلومات الجوهرية القيّمة، فإن مشاريع المركز المنجزة والجارية قيد التنفيذ قد بلغت 3,105 مشاريع تنموية وإغاثية، يستفيد منها ما يقارب 104 دول حول العالم بتكلفة إجمالية تتجاوز سبعة مليارات دولار أمريكي. لقد تجاوزت هذه المشاريع النطاق التقليدي المحدود للعمل الإنساني لتشمل طيفاً واسعاً من المجالات الحيوية الأخرى، كالiss الأمن الغذائي والزراعي المستدام، والصحة العامة، وتوفير الإيواء المناسب والمواد غير الغذائية الأساسية، والأمن والحماية الشاملة، وضمان توفير المياه النظيفة والإصلاح البيئي المتكامل، والنهوض بالتعليم النوعي، ومكافحة سوء التغذية، وتوفير الخدمات اللوجستية المتطورة، وغيرها الكثير من المجالات الأخرى ذات الصلة التي يمكن الاطلاع عليها بالتفصيل عبر زيارة الموقع الإلكتروني الرسمي للمركز. كما أن المركز قد أنشأ إدارة متخصصة للأبحاث العلمية والدراسات المعمقة، بحيث يكون مرجعية عالمية موثوقة ورصينة في مجالات العمل الإنساني والإغاثي المختلفة.
تخيلوا معي أن إجمالي المساعدات الإنسانية والإغاثية القيّمة التي قدمتها المملكة بسخاء للمتضررين والمنكوبين في جميع أنحاء العالم خلال الأربعين سنة الماضية قد تجاوز مبلغ 500 مليار ريال سعودي. هذه المعلومة الهامة لم نكن لنعرفها لولا حرص المركز الدؤوب على التوثيق الشامل والتدقيق المستمر، وهي معلومة في غاية الأهمية والخطورة تدحض أي مغالطة متعمدة أو محاولة يائسة للتقليل من الدور الريادي للمملكة في مجال العمل الإنساني النبيل. ولأن هذا المركز يمثل جانباً مشرقاً ومضيئاً لوطننا الغالي، فقد كانت معلومة مبهجة حقاً تلك التي ذكرها لنا الدكتور الربيعة بأن المتطوعين من شباب وشابات الوطن يتسابقون ويزدحمون بحماس منقطع النظير للمشاركة الفعّالة في نشاطات المركز المختلفة، وذلك ما يجب أن يدفعنا جميعاً إلى التطوع في هذا المجال الخيري، وإن لم يكن ذلك بالمشاركة الفعلية المباشرة في خدماته الجليلة فليكن ذلك على الأقل بالرأي السديد والأفكار النيرة والدعم المتواصل والمساندة القوية ونشر رسالته السامية وإنجازاته المتميزة إلى أصقاع العالم أجمع.
